ابو ماضى
عدد المساهمات : 151 نقاط : 54516 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 01/02/2010
| موضوع: بولس عياد عياد الخميس مايو 13, 2010 3:23 pm | |
| بولس عياد عياد (3 مايو 1928-30 سبتمبر 2009) جريدة وطنى 11/10/209م الكاتب مجدي خليل <TABLE id=ctl00_ContentPlaceHolder1_ctl00_tbl_Vedio cellSpacing=0 cellPadding=0 align=left> </TABLE> |
في 30 سبتمبر الماضي انتقل إلي الأمجاد السمائية أحد علمائنا المرموقين في الخارج, ذلك هو الدكتور بولس عياد عياد أستاذ آثار مصر الفرعونية والشرق القديم بقسم الأنثروبولوجي بجامعة كلورادو. قصة كفاح كبيرة وطويلة وعطاء غزير وممتد للثقافة المصرية والقبطية لمدة تزيد علي نصف قرن, من مدرس للتاريخ بمدرسة التوفيقية الشهيرة بشبرا إلي أستاذ عالمي يجيد أكثر من ست لغات من اللغات الحية والقديمة منها الفرعونية بلهجتيها الهيروغليفي والهيراطيقي, والقبطية, والآرامية, والعبرية ,والفرنسية, والإنجليزية ,والعربية. قدم خلال رحلته العلمية الثرية أكثر من 150 بحثا علميا رصينا وعددا كبيرا جدا من المقالات والمحاضرات والزيارات العلمية, بالإضافة إلي تأليف أو المشاركة في تأليف العديد من الكتب العلمية القيمة. سنة 1971 ألف كتابا من 180 صفحة عن قواعد اللغة القبطية ونشره في مصر , وفي جامعة كولورادو طور هذا البحث عن قواعد اللغة القبطية بعد ذلك في بحث في 900 صفحة, كما ترجم كتابا آخر عن قواعد اللغة القبطية من الفرنسية إلي الإنجليزية. وأصدر كتابا عن آثار مصر القديمة في 600 صفحة بالإنجليزية. ومن الدراسات المهمة التي قدمها التحقيق في مخطوطات الأناجيل الأربعة من القرن الثالث عشر في 500 صفحة.وأيضا من الأبحاث المهمة بحث شيق عن الأسماء القبطية والآرامية واليونانية المأخوذة من الأسماء الفرعونية. كما قدم فصلا عن الكنيسة القبطية في الموسوعة الأمريكية للأديان المقارنة, هذا بالإضافة إلي دراساته عن الحضارة النوبية وعلاقتها بالكنيسة القبطية, ودراسة مميزة عن الآراميين في مصر. ولعل أشهر دراساته الواسعة الانتشار في أمريكا والعالم الدراسات المتعمقة عن تاريخ الأمة اليهودية في مصر من أيام أبينا إبراهيم إلي الغزو الفارسي لمصر, وهي دراسات رصينة استعان فيها بالمخطوطات اليهودية الأصلية وبمخطوطات المتاحف العالمية عن تلك الفترة, وهي تصف الحياة اليومية لليهود في مصر وعلاقتهم بالمجتمع المصري وبالحضارة الفرعونية القديمة. ومن أحب أبحاثه إلي قلبي دراسته المتميزة عن الثورات البشمورية الخمسة ضد العرب والتي استمرت 150 عاما , وقد قام بجهد مشكور في البحث والتنقيب في المخطوطات العالمية والمكتبات الجامعية في أمريكا للوصول لوصف تاريخي علمي منضبط لهذه الحروب التحريرية التي يجب علي جميع المصريين الافتخار بها وتدريسها للأجيال المعاصرة . وقد تحدثت معه قبل وفاته بشهور عن ترجمة هذا البحث لنشره لقراء العربية وقد رحل عن عالمنا الفاني قبل أن نشرع في الترجمة. تخرج بولس عياد من كلية الآداب بجامعة القاهرة قسم تاريخ عام 1952, بعدها التحق بمعهد التربية العالي للمعلمين وتخرج فيه سنة .1953في نفس الوقت واصل تعليمه في معهد الآثار المصرية التابع لكلية الآداب جامعة القاهرة( الذي تحول فيما بعد إلي كلية الآثار) وتخرج فيه عام 1957, ثم حصل علي الماجستير من نفس المعهد بعد ذلك, وفي 21 ديسمبر 1963 حصل علي الدكتوراه من نفس الجامعة وكان يشرف علي رسالته أستاذنا الراحل الدكتور مراد كامل أستاذ اللغات الشرقية العالمي وأحد أعضاء لجنة جائزة نوبل للسلام والذي كان يجيد 30 لغة من اللغات القديمة والحية. وبينما كان يقوم بالدراسة في معهد الآثار المصرية التحق بالمعهد العالي للدراسات القبطية عام 1956 ونال درجة الدبلوم من هذا المعهد عام.1960 في سنة 1967 استدعاه أستاذنا الراحل المؤرخ العالمي عزيز سوريال عطية للتدريس في جامعة يوتا بالولايات المتحدة والتي قضي بها عاما دراسيا, بعدها انتقل لجامعة كلورادو ليحصل علي وظيفة دائمة هناك قدمها له أستاذ عالمي آخر هو الراحل الأستاذ الدكتور رجائي الملاخ رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة كلورادو. وظل دكتور بولس عياد عياد يدرس في هذه الجامعة إلي آخر يوم في حياته,وقد قام بتدريس 26 مقررا دراسيا في هذه الجامعة منها, آثار مصر القديمة, آثار الكتاب المقدس, حضارة الشرق القديم, تاريخ الحفائر المصرية,اللغة الفرعونية,اللغة القبطية,مصر بعد الفرعونية... إلخ. ومن يريد أن يعرف أكثر عن غزارة السيرة العلمية لهذا العالم الجليل عليه الرجوع لموقع جامعة كلورادو ليجد سيرة ذاتية مشرفة عن تاريخه العلمي الحافل في 80 صفحة كاملة . لم ينس بالطبع أن يقدم في دراساته الكثير من الشخصيات القبطية التي خدمت شعبها وكنيستها ووطنها فكتب عن البابا كيرلس السادس , والقس منسي يوحنا, والقمص يوحنا سلامة, والقمص إبراهيم لوقا, والقمص مرقس داوود, والأرشدياكون إسكندر حنا, وكذلك السادة سلامة قلادة وعبد المسيح بطرس وباسيلي بطرس مؤسس جمعية الكتاب المقدس بالقاهرة. وعن العلماء كتب عن المؤرخ العالمي عزيز سوريال عطية( محرر الموسوعة القبطية العالمية بالانجليزية في 8 مجلدات 2817 صفحة من القطع الكبير), والأستاذ العالمي مراد كامل, ورئيس معهد الآثارالأسبق بجامعة القاهرة الاستاذ الدكتور جرجس متي. ساهم أيضا الراحل الكريم بدراساته ومحاضراته في جمعيات الدراسات القبطية بأمريكا, فعلي مدي عشر سنوات شارك بأبحاثه في المؤتمر السنوي لجمعية القديس شنودة رئيس المتوحدين للدراسات القبطية بلوس أنجلوس والتي تعقد مؤتمرها السنوي سنويا بجامعة كاليفورنيا, وقد كرمته الجمعية في مؤتمرها السنوي عام 2003, وكذلك ساهم بفاعلية مع جمعية نيوجيرسي للدراسات القبطية التي أسسها الدكتور رودلف يني ونشر 31 مقالا في دورية كوبتك تشيرش رفيو التي تصدرها الجمعية. بعيدا عن السيرة العلمية الحافلة, بولس عياد ينتمي إلي هؤلاء الذين يطلق عليهم بحق ملح الأرض, مصباح علي المنارة, سفراء عن مملكة المسيح , النقاء المسيحي في أبهي صوره,العمق الأخلاقي في أجمل معانيه, صورة المسيح الذكية كما يحب سيدنا أن يري بها أولاده. ولما لا؟ وبولس عياد عياد ينتمي لبيت تقي يعرف كيف تكون الحياة المسيحية الحقة. والده هو واعظ القرن العشرين ورجل المنبر الأرشديكون عياد عياد الذي رفعه قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة(أطال الله عمره) في حفل تأبينه إلي مرتبة أحد قديسي الكنيسة القبطية , والذي وصفه نيافة الحبر الجليل أنبا ميخائيل (مطرانية أسيوط أطال الله عمره) بواعظ الجيل الذي اهتزت له أعواد المنابر خطيبا, والذي جال يبشر برسالة المسيح واعظا ومبشرا ومعلما من الإسكندرية إلي أسوان متطوعا عاملا بوصية المسيح ' مجانا أخذتم مجانا أعطوا', حتي أن قداسة البابا العظيم كيرلس السادس كان يعهد للأرشدياكون عياد عياد بكتابة معظم رسائله البابوية التي تتلي في عيدي الميلاد والقيامة. تخيلوا معي البيئة الروحية التي ترعرع فيها الدكتور بولس عياد عياد, والتي وصفها في كتابه الجميل (من مشاهير أقباط القرن العشرين: الأرشدياكون عياد عياد, الصادر بالقاهرة عام 2002) بقوله, ' كان عياد عياد يصلي مع زوجته في الصباح المبكر,ثم يصلي مع أبنائه قبل خروجهم إلي مدارسهم,وقبل تناول وجبات الطعام وبعدها, وتجتمع الأسرة في المساء لدرس الكتاب المقدس , فبعد قراءة أحد فصول الكتاب المقدس ومناقشة الأسرة تردد الأسرة إحدي الترانيم وتختم بالصلاة, وقبل ذهابه للكنيسة كان يطلب أن أقرأ له فصلا من إنجيل القداس ليقضي بعض الوقت في الصلاة والتأمل فيه, وعندما يجافيه النوم كان يصلي لأجلنا ومن أجل الكثيرين, ومن أجل الذين طلبوا منه أن يصلي لآجلهم, وذكر لي في إحدي المرات أن من صلي لأجلهم في ليلة واحدة بلغوا أربعمائة شخص بأسمائهم'. وداعا أستاذنا الحبيب بولس عياد عياد إلي أحضان القديسين...إلي المساكن العلوية...إلي مواضيع النياح والراحة... نستودع روحك الطاهرة بين يدي خالقنا العظيم وتبقي لنا سيرتك العطرة,لأن ذكري الصديق تدوم إلي الأبد. نعزي فيك الكنيسة القبطية والشعب القبطي وجمعيات ومحبي الدراسات القبطية, وكل تلاميذك ومحبيك... ونعزي أسرته الصغيرة بأمريكا, ونعزي عائلته الممتدة المباركة بمصر. سلاما لروحك بولس عياد عياد... سلاما لروحك عياد عياد... سلاما لكما في سماء الراحة والخلود والمجد.
| |
|