مؤسس المتحف القبطي وأول أمنائه
حياته
ولد مرقص سميكة باشا سنة 1864 فى عائلة قبطية عريقة تضم رجال دين ورجال قضاء، وبعد الإنتهاء من تعليمه عمل فى منصب مرموق فى مصلحة السكك الحديدية المصرية ثم اعتزل خدمتها فى عام 1907.[1] ولما كانت جهوده موضع تقدير ورعاية فقد أنعم عليه بالبكوية، وبالنيشان العثماني، كما أنعم عليه برتبة " المتمايز" ثم برتبة الباشاوية.
وقد عمل بعد ذلك بالآثار القبطية حتى وفاته ، ويروى فى مذكراته أن سبب إهتمامه بشكل خاص بدراسة آثار العصر القبطى نشأ عن قراءاته وأعمال بتلر ، سترزيكوڤسكى، كلارك. وكان عضواً فى مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية والجمعية التشريعية ومجلس المعارف الأعلى والجمعية الملكية الجغرافية ومجلس أعلى دار الآثار العربية وعضو مجلس الأثريين فى لندن وعضو مجلس إدارة جمعية الآثار القبطية بالقاهرة.
المجال الكنسي
كان مرقس سميكة باشا عضواً بالمجلس الملي الثالث والرابع عامى 1892 و 1906م وقد تقدم بإقتراح للبابا يؤانس التاسع عشر البطريرك الـ 113 بتنظيم مكتبات الأديرة وعمل سجلات وفهارس لمحتوياتها وحفظها فى دواليب خاصة ، وقد وافق البابا على الإقتراح .
وقام الأستاذ يسي عبد المسيح بهذه المهمة الشاقة وبالفعل وضع سجلاً وافياً لكل مكتبة من مكتبات الأديرة القبطية.
تأسيسه للمتحف القبطي
كان أول من أهتم بجمع الاثار القبطية العالم الآثرى الشهير ماسبيرو ، فقد أنشأ فى المتحف المصرى قسماً خاصاً بها ووضع ما عثر عليه من آثار فيه.
وفى عام 1908م قام مرقس سميكة باشا بتأسيس المتحف القبطى الذى يقع فى منطقة مصر القديمة أمام محطة مترو الأنفاق المواجهة لكنيسة مار جرجس الروماني ، وقد أفتتح هذا المتحف رسمياً عام 1910م وقد كان الغرض من إنشائه أن تجمع فيه كل الاثار والوثائق التى تساعد على كشف الستار عن دراسة غوامض تاريخ العصر المسيحى فى وادى النيل ، وقد قام بجمع المال اللازم لهذا المشروع من التبرعات العامة التى تقدم بها كثير من أعيان الشعب القبطى ونخبة كبيرة من محبي الفنون والآثار.
وقد أنشأت المبانى الأولى لهذا المتحف على جزء من الأرض تابع لأوقاف الكنيسة القبطية تفضل بتقديمها البابا كيرلس الخامس البطريرك 112 ، وقد سمح أيضاً بنقل جميع التحف والأدوات القبطية الأثرية : كالمشربيات والسقوف والأعمدة الرخامية والنوافذ واللوحات والحشوات الخشبية المنقوشة والأبواب المطعمة والآرائك وقطع القيشاني التى كانت فى المنازل القديمة المتداعية التى كان الأقباط يملكها إلى هذا المتحف الناشئ.
وقد ظل المتحف القبطى ملكاً للبطريركية حتى عام 1931م حين قررت الحكومة ضمه إلى أملاك الدولة لما رأت قيمته الأثرية الهامة بإعتباره يمثل حقبة هامة من سلسلة حقبات الفن والتاريخ المصرى القديم.
ومن روائع أعمال مرقس سميكة إهتمامه الشديد بالعمل على كسوة جميع سقوف قاعاته العديدة بجناحيه بنماذج هائلة من قطع السقوف القديمة ذات النقوش البديعة المتعددة الألوان والأشكال ، وقد إضطره هذا العمل الجبار لإستحضار عدد كبير من خبراء النجارين القدامى والمشتهرين بالبراعة فى هذا النوع من النجارة الدقيقة ، فجاء هذا العمل مفخرة عظيمة إذ سبغ على هذا المتحف نوعاً فريداً من الفن الرائع.
وإسداء لما قدمه من أعمال باقية على مر الزمن ، وتقديراً لمثله العليا ، وما قدمه للوطن من علم وفن رفيع قررت الحكومة عمل تمثال نصفى له على نفقة الدولة أقيم له وسط الحديقة الخارجية أمام مدخل المتحف إعترافاً منه بعظيم فضله وتكريماً له على جليل خدماته.
أواخر حياته
يذكر صديقه الأستاذ حسن عبد الوهاب أنه رآه يوماً قبل وفاته يتفقد الكنائس القبطية فى مصر القديمة متوكئاً على عصاه وخلف كرسى يستريح عليه بين الحين والآخر ، وفى الأيام التى كان المرض يقعده فيها عن ذهابه إلى المتحف كان يعمد إلى التلفون سائلاً مستفهماً موجهاً مساعديه إلى إنجاز شئون المتحف.
توفي سميكة باشا يوم 2 أكتوبر 1944م.
أسرته
مرقص باشا هو والد الهيدرولوجي الشهير يوسف سميكة أحد مؤلفيّ موسوعة نهر النيل التي كانت تصدر سنوياً من وزارة الري المصرية من 1890 حتى 2007.
مؤلفاته
- <LI dir=rtl>دليل المتحف القبطى والكنائس الأثرية فى مجلدين باللغتين العربية والإنجليزية
- وضع فهارس المخطوطات العربية والقبطية الموجودة بالمتحف القبطى وكذلك آثار البطريركية .
وبالرغم من أن هذه المؤلفات عبارة عن أعمال تسجيلية إلا أنها من الأهمية أنها ظلت تستعمل منذ كتاباتها وحتى اليوم ولم تكن كتابتها سهلة لأنها عبارة عن عمل شاق ومضني، وقد كان مرقس سميكة باشا يجيد اللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية، وتأسف لأنه لم يكن يعرف اللغة الألمانية وتمنى أنه يجد الوقت لكى يدرسها ليقرأ ما كتبه علماء الآثار الألمان عن الآثار القبطية.