يعقوب
قصة عيسو ويعقوب هي قصة توأمين ابنين لإسحق (ابن إبراهيم أبي الآباء في العهد القديم) ورفقة. ولم يكن الابنان متشابهَيْن في خُلُقهما بل متضادَّين. ومنذ البدء كانا في صراع كل واحد ضد الآخر.
كان عيسو رجل صيد يعيش دائماً خارج أسوار البيت ليصطاد. بينما كان يعقوب يُلازم البيت ويتعلَّم الطبخ. وكان لهذا السبب مرتبطاً بأُمه رفقة، وكانت تحبه أكثر من عيسو. إلاَّ أن يعقوب كان ذا حسٍّ روحي، أما عيسو فلا. كان عيسو إنساناً جسدياً لا يهتم بما للروح؛ لذلك، لم يأبه بموهبة البكورية التي تُصيِّره الابن البكر في بيت أبيه يعقوب بما تحمله من مميزات ومسئوليات أيضاً، فاحتقر هذه الموهبة حتى أنه باعها لأخيه يعقوب مقابل أكلة عدس!
+ «وطبخ يعقوب طبيخاً، فأتى عيسو من الحقل وهو قد أعيا. فقال عيسو ليعقوب: ”أطعمني من هذا الأحمر لأني قد أَعْيَيْتُ“... فقال يعقوب: ”بِعْني اليوم بكوريتك“. فقال عيسو: ”ها أنا ماضٍ إلى الموت، فلماذا لي بكورية“. فقال يعقوب: ”احلف لي اليوم“، فحلف له. فباع بكوريته ليعقوب. فأعطى يعقوب عيسو خبزاً وطبيخ عدس. فأكل وشرب وقام ومضى، فاحتقر عيسو البكورية» (تك 25: 29-34).
+ وإذا تمعَّنا في سلوك عيسو، نجده أنه باع بكوريته ليس لأنه كان جائعاً لدرجة أنه خاف أن يموت، ولا لأنه لم يجد طعاماً آخر في بيت أبيه إسحق، وهذا مستحيل طبعاً؛ ولكن لأن شهوته كانت هي شهوة الجسد التي يمكنه بها أن يبيع ميراثه الروحي من أجل نزوة عابرة.
+ فالذي يعيش خاضعاً لشهوة الجسد، يقع في هذا الفخ عينه الذي وقع فيه عيسو في لحظة ضعف أو توهان عقل، أو ما يسميه آباء البرية: ”الغَفْلة“.
هژںه¸–هœ°ه€: كنيسة صداقة القديسين
لكى يمكنك رؤية الصور وروابط التحميل يجب أن تكون مسجل فى كنيسة صداقة القديسين ولديك عدد 1 مشاركة أو أكثر
عدد مشاركاتك الحالى هو 0 مشاركة
لذلك، فإنه بعد أن يبيع كل كنز روحي، يستيقظ ويدرك غباوة وخطورة ما فعله، ولكن بعد فوات الأوان. فهناك من الكنوز الروحية ما لا يمكن استردادها بعد تبديدها!
ما هي موهبة البكورية في العهد القديم:
كان الابن الذي له حق البكورية على صلة بالله، وكان معتَبَراً أنه كاهن العائلة بعد موت أبيه. كان له ميثاق وعهد من الله، وبالتالي فكانت له شركة مع الله.
فانظر، أيها الأخ المسيحي وأيتها الأخت المسيحية، كيف أن عيسو بدَّد علاقته بالله، وما أثمنها، بنزوة عابرة، في لحظة غفلة وتوهان.
+ ولكي ندرك خطورة تبديد الكنز الروحي الذي نحن فيه مقيمون، وهو بنويَّتنا لله التي منحها الآب لنا بآلام وصليب ابنه الرب يسوع (ولتقرأ أيها الأخ وأيتها الأخت كم تألم ابن الله القدوس بسببنا نحن في حياته على الأرض وقَبِلَ الصليب وبعده الموت)! فلنقرأ هذين التحذيرين من الوحي الإلهي:
+ «لئلا يكون أحدٌ زانياً أو مُستبيحاً كعيسو، الذي لأجل أكلةٍ واحدة باع بكوريته. فإنكم تعلمون أنه أيضاً بعد ذلك، لما أراد أن يرث البركة رُفِضَ، إذ لم يجد للتوبة مكاناً، مع أنه طلبها بدموع» (عب 12: 17،16).
+ (ارجع لعظة الأب متى المسكين: ”زمان التوبة محدود - شجرة التين“ 73/6).
أما التحذير الثاني الذي نُقدِّمه لكل شاب مسيحي ولكل شابة مسيحية، ولكل مؤمن مسيحي ولكل مؤمنة مسيحية؛ فهو قانون قاطع وصعب. ولكن لنحذر:
+ «لأن الذين استُنيروا مرةً (نالوا المعمودية المسمَّاة ”سر الاستنارة“)، وذاقوا الموهبة السماوية (نالوا الروح القدس ومواهبه)، وصاروا شركاء الروح القدس (في سر الإفخارستيا)، وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي (اختبارات المؤمن المسيحي الفائقة)، وسقطوا (أي الارتداد عن الإيمان بالمسيح، أو السقوط في خطية الزنا الذي يأسرهم إلى الارتداد عن الإيمان بالمسيح)؛ لا يمكن تجديدهم أيضاً للتوبة، إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانيةً ويُشهِّرونه. لأن أرضاً قد شربت المطر الآتي عليها مراراً كثيرة، وأنتجت عشباً صالحاً للذين فُلِحَتْ من أجلهم، تنال بركة من الله. ولكن إن أخرجت شوكاً وحسكاً، فهي مرفوضة وقريبة من اللعنة، التي نهايتها للحريق» (عب 6: 4-
.
+ وليت لا يتساءل الإنسان عن هذا القانون الصعب، وبدلاً من ذلك فليتمسك - كل شاب وكل شابة - بكل ما فيه من قوة بالمسيح وبالروح القدس، حتى يتفادى لحظات الغفلة والنسيان، فلا يجد نفسه إلاَّ في وضع عيسو المُحزن: ”لا يجد مكاناً للتوبة“.
هذه القصة هي قصة كل جيل، وكل إنسان. ويُقال إن عيسو كان لون جلده أحمر من كثرة تعرُّضه الخاطئ لأشعة الشمس، فاحترق جلده؛ بالإضافة إلى أنه كما ورد في (تك 25: 25) خرج من بطن أُمه «أحمر، كله كفروة شعر، فدعوا اسمه عيسو».
أما أشعة الشمس الجيدة، فهي ترمز إلى نور السماء الذي يتغلغل نفوس أحباء الله، المتَّكلين على نعمته اتِّكالاً كليّاً؛ فينجون بها من حريق يوم القضاء.