عازف الكمان
عازف الكمان
إلتقيته فوق رمال ساحل البحر,
عند انبثاق أول خيوط الفجر,
يحتضن كماناً فوق صدره يداعب أوتارها بريشة وعلى مهل,
سحب الوترفأطلق نغمة حنان عذبة
,إنسابت بخفّة نسور الجوٍّ , وغمرت ما بين السماء والارض.
بهرني عازف الفجرهذا, وسحرني بعذوبة نغمات الكمان, .
إقتحم حياتي دون إذن مني,
إنصهرتُ وذبتُ شوقا للقرب منه ,
وكأني به ملاكاً هبط من السماء,ُ
غرقتُ ببحرالنغم... وهمتُ في سماء الحب
,هاجت بي أشواقٌ ملأت سماء البحر ,
بركان نار إعتمل بأضلعي ,
وطال انتظاري ,
صبَّرتُ معللاً نفسي بالآمال,أبثُّ أشجاني للبحر,أرقبه عن قرب ,
وآلة الكمان تشدو ألحانها بقدسية.
,سحب وترها ببطء وأطلق نغمة حزينة خلته لفظ فيها أنفاسه الاخيرة .
كانت نغمة حزنٍ.
لم أتمالك نفسي تقدمت إليه ببطء غير محسوس,
افترشت رمال ساحل البحربالقرب منه,
رأيته يبكي ,
قاسمته الدموع والأشجان دون أن أنبس ببنت شفة,
وعلى التفاتة منه رآني ,
إقترب مني ولا زال يسحب وتر الكمان, وكأنّه والكمان قطعة جمر واحدة.
أطلقَ نغمة ألهبت الجوارح المستكينة,
وأهاجت الحمم الحزينة المدفونة,
في كوامن النفس الكليمة ,
فانبثقت سهام ساخنة إعتملت الصدور اليائسة, .
فعازف الكمان هذا كأني به يناجي من هم وراء سماء أرضنا ,
أطلق العنان لأوتار قلبه تحكي آهات وآهات, لكمان يستنبط النغمات من دقات قلبه ونبض دمه,
والكمان هذه تبكي دموعَ أنّاتٍ لأعذب أ لحان ,.
أفترش الارض قربي لاهو حكى ولا صدر مني حكي ,
لقد أسرني عازفي وحملني إلى عالم ثاني
تسبح الروح فيه, وتتناغم مع أثير عالم الارواح دون كلام .
تعالت أمواج البحر لدى سماعها شجو الكمان,
ثمَّ تهادت متكسرة تحت أقدام الصخور,
تبكي دون أن تحكي,
وكأني بها اهتزّت مشاعرها,
فاتسابت منحنية
إجلالاّ لموجات الاثير الآتية
من وراء الشفق الازرق, لتلتحم معها مطلقة لحن حب خالد .
ويا لعجبي
إنّها مرهفة الحس وأشدُّ من البشر شفافية .
إنبثقت خيوط أشعة الشمس الذهبية ,
تعلن للفجر أنها آتية,
فازدان الجو سحرا ,واستُكمِلت معالم اللوحة الكونية .
.الاشجار تراقصت أوراقها على النغمات الوترية .
والارض متسربلة بحلتها الخضراء البهية,
وقطرات الندى توَّجت النباتات الطرية ,
نفحٌ قدسيٌ غلًَّف الكون وعبّق الارجاء كلياّ.
حُبّ,حنانٌ إلهام ,وحيٌ شجوٌ وأشجان, تلاحمت وتناغمت في أبهى سمفونية كونية,
محاطة بألق أفاض على الكون روعة الروح.
تألق كونيّ تجسّد وحمامات بيضاءتحوم فوق مياه البحر الحالمة,
وكأني بالملائكة تسبح في الاجواء السمائية ترتّل ألحان المجد لرب الأكوان,
ماليء السموات والأرض بفيض أمجاده الغنية.
وبيدها المباخر الروحية
تغرف لها من تهاليل الكون فالكل يسبح والكل يرتل
,الأشجار المثمرة وكل الأرز,الحيوانات وكل البهائم,
الدبابات والطيور الطائرة ملوك الأرض وكل الأمم
العظماء وجميع قضاة الأرض (مز :148 )
الخلائق كلها تشدو وتسبح اْسم الرب
أصوات تمجيد ونغمات تسابيح ملأت الكون ألكل يرنّم ,
قدوس ...قدوس ...قدوس
للرب الصباؤوت. و بعد حين عمَّ الكون هدوء وصمت
وبطرفة عين إنتهى كل شيء
وصمتت ٍالالحان
إلتفَتٌّ فلم أجد عازف الكمان,
حزنتُ لأختفائه لقد فقدتُ ألذّ من كان برفقتي , لقد رحل وتركني وحيدة على ساحل البحر .
عاتبته بألم يحز نفسي
لمَ يا عازف الكمان؟تركتني في حيرة من زماني
,قل لي إن كان لنا لقاء ثان,
أفي يقظة أنا ام في منام ؟
من يدري لعلّه اختطاف روحاني.
وعازفي كان ملاك نوراني,
عذراً
عزيزي القاريء
إنها خاطرة من وحي خيالي الروحي